حول وثيقة المبادئ والسياسات العامة لحركة حماس

جفرا نيوز- كتب: طارق سامي خوري بين المراهنة على سذاجة الشعب وانفصام القيادة الفلسطينية
أرى من الضروري أن نتفق على أن خط سير حركة حماس لا يختلف كثيرا عن حركة فتح في المضمون والجوهر والمؤال ، واستطاعت حركة فتح منذ نشأتها امتصاص غضبة وثورة الجماهير الفلسطينية والعربية وتأطيرها واغراقها بالمال الخليجي الأسود لافسادها لاحقا والوصول بها وبالنضال الفلسطيني إلى طريق مسدود نضاليا ، مما يبرر أي عملية سياسية على فلسطين وشعبها وهذا ما ظهر إلى العلن منذ اتفاقية أوسلو المشؤومة .
مرة أخرى ها هي نفس الاسفنجة تستخدم من جديد على شكل اسلامي لعملية امتصاص أكبر ، إذ أن الجماهير التي ترفض أي صلح مع العدو المغتصب تجد ضالتها في حماس المنقذ من السقوط في الهاوية ، وعلقت الجماهير آمالها عليها لعلها على اقل تقدير تضع فرامل للعملية الاستسلامية، إلا أنه وبعد حوالي عشر سنوات تسللت حماس الى أتون العملية السياسية ، وتخوض الأنتخابات التشريعية ، وتحصد أغلبية المقاعد ، وتشكل الحكومة تحت سقف أوسلو ، ومجيء حماس إلى التشريعي لاعتبارين الأول صوت الجماهير الرافض للتسوية والتي تتبناه حماس ظاهريا والثاني لارتفاع منسوب الفساد داخل اروقة فتح حزب السلطة . ورغم هذا السقوط الأولي في براثن أوسلو ومخرجاتها إلا أن حماس استطاعت أن تسوق نفسها خارجيا وداخاليا بتمسكها الكامل بالثوابت الفلسطينية وانطلت على جماهير الشعب العربي والفلسطيني هذه الكذبة بحكم تمسك الجماهير بعود قش . وما هي إلا سنوات وبعد أن وجدت حماس مبرر خروجها من حضنها الدافئ محور المقاومة وتخليها عن عمقها الاستراتيجي المقاوم واستدارتها 180 درجة نحو معسكر معادي للثورة والمقاومة ويرتبط ارتباط عضوي في الغرب الاستعماري المعادي وتربطه علاقات دبلوماسية واقتصادية معلنة مع العدو الصهيوني بما لا يتوافق مع شروط المقاومة مما ينزع عنه اي صفة من صفات المقاومة .
ليظهر بعد ذلك المال الخليجي مرة أخرى ليغرق حماس في وحل التراجع أو إزالة المكياج الذي ساهم بخداع الناس لسنوات تحت سقف الأمل بالخلاص .
الوثيقة التي اطل علينا بها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السابق خالد مشعل من أرض السيلية في قطر قديمه وتم التدوال بشأنها داخليا في الأطر الداخلية لحركة حماس منذ أربع سنوات وكان قادة حماس يخرجون على الجماهير بتنفيسات لاكثر بنودها إثارة وجدلية وثم ينفون كبلونات إختبار ومحاولات لتمريرها بشكل مطعوم لتعويد الجماهير على قبولها .
يعني ذلك أن حماس خططت للوصول الى هذه المرحلة من التراجع من خط القتال والمقاومة إلى خط التسوية والتصفية وأن سلوكها ليس لظروف موضوعية ساقتها علينا حركة فتح ورفضناها ورفضتها حماس في حينها وهذا يعني أن هناك قبول ذاتي عند طرفي من يتصدرون المشهد الفلسطيني وبالتالي سيرفض الشعب الفلسطيني طرح حماس حول اقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 كما رفضها عندما طرحت من فتح .
... وبعد الإتفاق على أن الوثيقة هي قيد (التنفيذ) منذ المشاركة في السلطة، وبعد الاتفاق على أن الشعب سيرفضها في (اي وقت) تعلن فيه، وبعد الاتفاق على ان (الاقتسام) وليس الانقسام هو سيد المواقف كلها.... يبقى القول أن الاعلان عن الوثيقة،الان، ليس أكثر من شأن داخلي، قيادة قديمة ستخرج من سدة القيادة تتحمل العبء والذم والقدح، و تتيح المجال لقيادة جديدة قادمة هامشا من المناورة الشكلية، واعفائها من حرج ان تبدأ عهدها بمثل هذه الوثيقة... وهذا هو تكتيك التوقيت لاخراج الوثيقة إلى حيز الوجود الذي انحكم لتغيير القيادة في حماس أكثر من التطورات في غزة أو لقاء أبو مازن لترامب أو إضراب الأسرى . في الوقت الذي كانت حماس وانصارها وجماهير الشعب الفلسطيني الحية يعلنون ليل نهار انتقادهم اللاذع ورفضهم لاتفاقية أوسلو المشؤومة التي ابرمها اليمين الوطني بصفتهم القومية و لحق به اليسار الفلسطيني ها هو ينضم لهم الاسلام السياسي الفلسطيني لتصبح التيارات الثلاثة في الساحة الفلسطينية في خانة واحدة تلهث خلف التسوية مع المغتصب الصهيوني بدواعي الواقعية السياسية ولم يأخذوا بعين الاعتبار كل الدروس والعبر السابقة مع هذا العدو الذي يتنكر لكل العهود والمواثيق ضاربين بعرض الحائط كل التجارب السابقة وانه يتصف بالنهم إذ أنه يتعنت أكثر كلما تنازل الطرف الفلسطيني واستطاع تحقيق مكاسب على الأرض من خلال التسوية أكثر بكثير من الحروب والمعارك في المقابل كان الشعب الفلسطيني الطرف الخاسر من هذه العملية العبثية .
إن الميثاق الوطني الفلسطيني لعام 1968 يحمل في طياته وبكل بنوده رفض تام لأي عملية سياسية ولا يقبل إلا بتحرير كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر وحملته فتح على رؤوس الرماح وفوهات البنادق وأرواح الشهداء ودماء الجرحى وأنين الأسرى وتخلت عنه وعن المقاومة بين ليلة وضحاها فكيف لوثيقة متهتكة تحمل في بذورها حالة من التسليم للعدو بما نسبته 78% من أرض فلسطين التاريخية في تناقض واضح مع بنود كثيرة في الوثيقة نفسها تطالب بالقتال وتحرير كامل التراب الفلسطيني وفي محاولة بائسة لدس السم في الدسم معتقدين و واهمين أن أبناء الشعب الفلسطيني بهذه السذاجة يمكن ان تنطلي عليهم حالة الانفصام التي تعيشها قيادة حماس ومن قبلها فتح وسلطة الحكم الذاتي.