السياسيون لا الموظفون , هم من يصنعون مجد أوطانهم ! .


بقلم : شحاده أبو بقر

منذ بدأت البشرية عصر الإنصهار المؤسسي في " دول " شتى على هذا الكوكب , كان السياسيون القادمون من بيئات إجتماعية أو عسكرية ولاحقا حزبية , هم قادة الأوطان وصناع مجدها , فهم دون سواهم , من يشكلون برلماناتها وحكوماتها ويرسمون لها سياساتها في مختلف تجليات الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية , وكل ما يندرج تحت هذه المحاور من تفاصيل , وأي خروج عن هذا الثابت يفضي بالضرورة إلى نتائج عكسية خلافا لتطلعات الشعوب وطموحها وتمنياتها ! .
في عالمنا العربي تباينت الأمور , بين أنظمة حكم ملكية ثبت وبالممارسة أنها الأكثر رشدا وإعتدالا , وأنظمة جمهورية إنقلبت عسكريا على بعض الممالك واعدة الشعوب بحياة أكرم في ظل تداول مؤسسي للسلطة عبر إنتخابات حرة ونزيهة , إلا أن واقع الحال سار في إتجاه آخر , فالإنتخابات حتى وإن جرت صوريا , لا بد وأن تأتي بذات الرئيس وحاشيته , وبنسب تفوق الوصف , عندما تقول صناديق الإقتراع وخلافا للواقع , أن الشعب كله إنتخب الزعيم القائد المؤبد ! .
لا علينا , ودونما إنحياز لنظام حكم على حساب آخر , فما أود تأكيده بهذا المقام , هو حقيقة أن السياسيين لا الموظفين المسيسين رغما عنهم , هم من لديهم فطريا وبالطبع معا , ملكة صنع القرار , وإستشراف الحاضر والمستقبل , وفن إدارة الدول , وتحمل المسؤولية بكفاية في زمن الشدة والرخاء معا , وأي إستثناء أو إستبعاد لهم من دوائر الحكم , إنما هو خطأ تتحمل الاوطان والشعوب وزره بإمتياز .
السياسيون الحقيقيون هم من يرسمون الخطوط العريضة لإستراتيجيات أوطانهم السياسية والإقتصادية والإجتماعية داخليا وخارجيا , ليتولى مسؤولون موظفون إداريون وفنيون متخصصون , ترجمتها إلى خطط وبرامج ومواقف ومشروعات يجرى تنفيذها على أرض الواقع بإعتبارها نهج دولة .
من يستعرض التاريخ قديمه وحديثه معا , يدرك عمق هذه الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها تحت أي ظرف كان , فلدى الشعوب المستهدفة إيجابيا بقرارات دولها وحكومات تلك الدول وما يتبع لها من مؤسسات , قناعات سايكولوجية وذهنية ثابتة ما دامت الحياة , بأن السياسيين ومن أية بيئات أتوا , هم رجال الدولة أو الدول , وأن هؤلاء هم الأقدر على تحمل المسؤولية والنهوض بها , ومواجهة ما قد يعترض طريق أوطانهم من مفاجآت أو عثرات .
الشعوب دائما على حق , عندما تعبر عن إرادتها , سواء وفقا للمنهج الديمقراطي الغربي الأصل , أو وفقا للمباديء الشوروية عملا بقوله تعالى " وشاورهم في الأمر " . الله جل في علاه من وراء القصد .