صرخة لإنقاذ التعليم
جفرا نيوز- كتب: النائب السابق د. مريم اللوزي
إنني واحدة من الذين ينتابهم الألم، وكقابضي الجمر ننتظر، بعد أن أفنينا عمراً في بساتين التربية والتعليم، وهي في عز ازدهارها، نأكل من قطوفها الدانية، وننهل من ينابيعها الصافية، فنتقوي ونقوي، ونسقي أجيالاً وأجيالا بالعلم والمعرفة مما ازدهرت به حدائقها، عندما كان ناظر البساتين يبعد عن وجهها كل غبار يلوث لونها، أو يعكر طعم شرابها، ويمضي وقته منقباً عن الاصلاح والتطور، ويخلع الحشائش الضارة التي تحاول وتجهد بأن تحرف مسيرتها عن الغاية النبيلة والهدف السامي.
وألمي وأمثالي من روادها المخلصين لرسالتها يكبر ويكبر، بعد أن غيبوا حارسها الأمين الذي أبقاها دهراً واحة عز وشرف وكرامة لكل مرتاديها طلبة ومعلمين، وما أن تسلل وتسلق أسوارها خلسة، الذين ليسوا من أبنائها ولم يخبروها ولكنهم بحكم الفساد وصلوا إلى القرار فيها، فجففوا ينابيعها الصافية وأبدلوها بسواقٍ آسنة، وأنبتوا في حدائقها الحشائش الضارة، ورعوها وكبّروها حتى تتسلق على قطوفها الدانية، فقتلوها وأشجارها الزاهرة فأماتوها وأصبحت ليس لها في الحقيقة إلا الاسم فقط.
أنبكِ على ماضٍ زاهر، ونندب ما آلت إليه من فساد وإفساد؟! بأيدي من توسدوا أمرها بعد أن باعوا الضمير واشتروا به شهرةً ممسوخة ورياءً لتحقيق مصالح شخصية آنية شعبوية.
ويحك يا من تملكت أمرها، وأصبحت صاحب القرار لتقود مسيرة تعليمية بالارتجالية والعشوائية؛ فترمينا بقرارات سريعة هشة، فأجهزت على ما تبقى من آثارها وأصبحت كأطلال خولة في برقة ثمهدِ، رويدك ومهما بلغت وعلوت في المناصب، فلا بد يوماً أن يُشرق به نورٌ لأن بصيصه ما زال كائنٌ، فتمهل عن هذه القرارات السريعة، والإصلاحات الشكلية، التي لا تمت لغرفة الصف بصلة، وما هي إلا جراحات تجميلية لتخفي العفن عن أعين الناظرين.
فإن كان لك عينٌ، فللناس أعينُ، وإن لك لسانٌ تزينُ به الفساد، فالناس لهم ألسنٌ، يمسح الزيف وتبقى الحقيقة ساطعة مشرقة، ويلٌ لك من يومٍ تقف محاسَباً أمام الله سبحانه وتعالى، بأي لسانٍ تحتج وبأي عينٍ تنظر؟! آن الأوان أن تترجل عن قيادة المسيرة التربوية، قبل أن تضيع أجيال وأجيال، تكون سبب ضياع وطنٍ وأمة، وإن بقيت على إصرارك ستحاسب عليها أمام العلي القدير سبحانه وتعالى.