طفر وقلة دين ..

جفرا نيوز- خاص كتب:ابراهيم عبدالمجيد القيسي
الناس شعروا بالمفاجأة وربما الصدمة، من موقف حماس وإعلانها القبول بدولة فلسطينية على حدود 67، إلا أنا، لم أتفاجأ بصراحة، فأنا أعلم أين يؤدي السلوك البراغماتي في السياسة، ولا يعني هذا بأنني ثوري، كهؤلاء السلميين حد الانبطاح المخجل، الذين يتباكون اليوم ويتهمون حماس بجريمة "السلمية" بعد أن كانت بنظرهم منظمة "حربية ارهابية".. انسوا القصة، أصلا موضوعي اليوم ليس حماس ولا الحرب والسلام.
أكتب عن الشأن الأردني الداخلي.. وعن الطفر المقيم والصبر الكبير وأكتب عن الناس حين تتم مراودتهم على إيمانهم، فيقل أو يختفي تماما، عندئذ لا جدوى من التساؤل عن الصبر والولاء والوفاء وسائر القيم الوطنية الكبرى وصفات المواطن الصالح المطيع. حين يقوم واحد شبعان، بالتنظير علينا من أجل الصبر على الجوع، فهذا موقف يبعث على الإشمئزاز فوق الاستفزاز، كمن يحدث الصائمين عن فضائل العمل أثناء الصوم، وعن الصبر والبركة والانفاق والتعاطف مع الفقراء وهو مفطر، ولم يصم يوما، وحين لا يسمعه الناس ويتركوه، يكتشفوا أن لا بد عن سماعه، فهو خازن بيت المال، وهو الذي يمنح الفرص وأسباب الحياة الكريمة.. الخ.
حين يفقدون إيمانهم؛ فماذا نتوقع منهم، هؤلاء الذين يدفعهم إيمانهم بالله وبشائره للصابرين على مزيد من تحمل للظروف القاهرة؟ وماذا سيكون الموقف لو علمنا أن "الشبعانين" ارتضوا لأنفسهم مهنة، وهي إفقاد الناس إيمانهم بالله وبالوطن وبالعدالة بكل أنواعها؟..
لدينا نخبة من المنظرين لمثل هذا الفعل، وهو إفقاد الناس الإيمان، ومراودتهم حتى على صبرهم، خذوا مثالا: نقرأ في كل مكان كتابات لبعض من هؤلاء، يعترضون على كل ما هو أخلاقي اسلامي، وما انبثق عنه من وجهة نظر وطنية، ويستغلون لوثة الغرب الأوروبي - الأمريكي في نظرته المشوهة للدين الاسلامي وأتباعه، فيكيلون للناس كل الاتهامات، وينالون على مواقفهم ما ينالون من ردود أفعال، وليست هنا المشكلة، بل إنها تكمن في اكتشاف أن هؤلاء يحظون بالرعاية من الحكومات وغيرها، حتى الجهات الخارجية المبهمة الولاءات تدعمهم، وهنا تكون الحبكة: ما هو شعور مواطن يكاد يموت صبرا وجوعا وكمدا، وتمنعه قناعاته واعتقاداته من سلوك الطرق الملتوية لتحصيل حاجاته، فهو لا يسرق ولا ينصب ولا يتاجر بثوابت اجتماعية وعقائدية، ويعتبر الوطن وحرمته كحرمة بيته، ويكتشف الأخطاء وغياب العدالة في قضاياه ويصبر، ويلجأ لربه بالدعاء والصلاة أن يجنبه السقوط في الحرام والخطأ والظلم.. ثم يكتشف أنه مجرد هدف صغير لأحد التافهين، الذين يحظون بكل الرعايات، ثم يراودونه على ما تبقى من إيمان ويشككون في ولاءاته بل وربما يتهمونه بالارهاب، ويقولون :لا يصبر كل هذا الصبر الا من لديه ميول ارهابية !.. عنده ميول ارهابية مافي كلام!. الظلم والتمييز بين الناس (العنصرية يعني بنسختها الاقليمية) هو البنية التحتية للتطرف، ولا يعني التطرف هنا إرهابا، بل يعني الفوضى والثورة من أجل المساواة والعدالة، وتتجلى خطورة هذه المفارقة، حين يتصدر بعض هؤلاء المشهد العام، وصناعة القرار، فيعتبرون أن أعداء الدولة هم من يرفضون إفقاد الناس ايمانهم ومصادره ومنابره، وهذا مكمن الجنون حتى لا نقول الإذعان لتلك الجهات الخارجية والعمالة لها، وحتى أختصر الطريق على الكتابة والفهم: يا هؤلاء؛ في مثل هذه الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هل تريدون مجتمعا بلا دين علاوة على الطفر؟! ..بالله كم ستصمدون في وجه مثل هذا المجتمع الذي تسعون له؟!.
حتى جماعتنا "السوكرجية" لا يرتضون العبث بأسعار وجودة خمرهم ومزاجهم !.. لا تتغابوا أو تتصابوا تراها "مقبعة وما هي مربعة". ibqaisi@gmail.com