مطلوب مبيدات لآفة التخلف

جفرا نيوز

كتب لـ"جفرا نيوز" : ابراهيم عبدالمجيد القيسي.

قبل الوعي السياسي، يحتاج المتوازنون إلى جرعة من وطنية، حتى يدوموا بالوقوف والصمود على جبهة السلامة الوطنية العامة..نحن نسأل عن السلامة العامة قبل السؤال عن نسبة الوعي.

منذ أكثر من أسبوع؛ والكائنات الفيسبوكية تتداول كتابا صادرا عن دولة الامارات "وثيقة قال"، وموجها إلى وزارة الزراعة الأردنية، يطالبها بالالتزام بمواصفات السوق الإماراتية بالنسبة لأنواع من الخضروات المستوردة من الأردن، حيث يشير الكتاب إلى ارتفاع نسبة بقايا المبيدات الزراعية على أنواع من الخضروات المصدرة من الأردن إلى دولة الإمارات الشقيقة..الخ، هذه هي الفكرة من الكتاب الاماراتي، ولا أجد فيها مثيرا ولا جديدا يستدعي نشرها والتحليق بل الغوص فيها، وإمطار الأردن والحكومة بوابل من الاتهامات المعلبة التي أصبحت على درجة من الفجاجة تؤدي إلى الغثيان، الذي يشعر به الشخص الواعي والمتوازن كلما تناول بعضهم قضايا عامة او حتى خاصة، ونصب نفسه زعيما أسطوريا ومفكرا واعلاميا وثورجيا..إشي بفضح !

قلنا إن الكتاب الاماراتي ليس خبرا على هذه الدرجة من الاثارة، فهو يتحدث عن مواصفات حددها قانون إماراتي بشأن وارداتها من الخضار، وهو حقها الذي لا يعترض عليه أحد منطقي، وقد كنت قبل أكثر من أسبوعين في حضرة وزير الزراعة، أجري معه لقاء صحفيا، فوردته مكالمة من أحد القناصل الاقتصاديين في إحدى السفارات الأجنبية، وكان موضوع الحديث شحنة ذرة استوردها الأردن من بلاد تلك السفارة، وأثبتت الاختبارات التي تجريها جهات أردنية أن نسبة الكسر(ذرة مطقشة) في تلك الشحنة تتجاوز النسبة 7% وتزيد عنها بأعشار ولم تبلغ 8%، والذرة سليمة صحيا ولا غبار عليها كعلف للمواشي، لكن القانون الأردني الذي تطبقه مؤسسة المواصفات والمقاييس لا يسمح بدخول ذرة تتجاوز نسبة الكسر فيها عن 7%، وسمعت المهندس الحنيفات وهو يتحدث مع القنصل (هذا قانوننا ولا يمكننا تجاوزه، ولا شك بأنكم في "تلك السفارة وتلك البلاد" تحترمون قوانيننا في الدولة الأردنية وقوانينكم في بلادكم ولا تتجاوزون عنها، ولا يمكننا أن نستقبل هذه الشحنة إلا بعد إعادة تصديرها ثم "غربلتها من جديد"، وتقليل نسبة الكسر لتصبح قانونية..

وانتهت المكالمة على هذا الحديث المنطقي الذي يبعث على الاحترام للجهتين المتحدثتين.. ولم أقرأ أو أسمع مواطنا او مؤسسة إعلامية في تلك البلاد تتحدث عن صادراتها من الحبوب إلى العالم، وتتهم حكوماتها بأنها حكومات جباية ولا تهتم بصحة مواطنيها وسمعة بلدها، بينما لم تصمت "آفة" واحدة في بلدنا عن انتقاد الحكومة والزراعة والماء والهواء في الأردن، وتجاوز الحديث عن المواصفات والمقاييس ليصل إلى القلوب والضمائر والالتزام بالوطن وعدم التعاطي مع الأعداء.. ولو انتظرنا قليلا سنجد من يتحدث عن ارتفاع آثار المبيدات على الخضروات في الأردن، باعتبارها السبب الرئيس في انتشار الفوضى وفقدان الأمن وثقب طبقة الأوزون!.
هل تدركون مدى الضرر الذي يلحقه المتخلف بنفسه وبوطنه حين يتحدث بهذه الطريقة المنكفئة؟!

المبيدات؛ والكلام موجه إلى تلك الكائنات التي يمكن تصنيفها آفات حين التحدث عن الوعي وعن الولاء والوفاء لهذا الوطن، إن المبيدات "يا كائنات" هي مستحضرات لحفظ النباتات، وكلها تقريبا يتم "رشها" على النباتات قبل أن تنضج ثمارها، لحمايتها من الآفات وخطرها، كي تنجح الزراعة وينضج المحصول، وتأثيرها لا يدوم الا لفترات محددة، وينتهي التأثير قبل النضوج بفترة، ولا أعتقد أن أحدا يأكل خضروات دون غسل وتنظيف، سوى آفات الفيسبوك فهي "تأكل المقالب" وتتداول الأخبار "الفالسو" دونما غسل ولا نظر حتى، علما أن الحيوانات نفسها تعف عن بعض أنواع العلف إلا إن استطابت طعمه !!.. ثم يشرعون ببث الروائح الفجة ضد الحكومة وضد كل ما هو أردني .. فما المبيد المناسب لمثل هذه الطريقة من التفكير وهذا النوع من الثقافة المتخلفة التي تسيء للوطن أكثر من جيوش احتلال؟!

أيها المتذاكون والمتنمرون والمصابون بداء التضخم والتخلف، لماذا لا تحترمون أنفسكم ووطنكم، وتهدمون فيه أكثر مما يفعل عدو افتراضي؟ لم هذه الثقافة العدوانية وهذه النظرة العدائية والنزعة الفطرية ضد الحكومات في الأردن؟ هل تعتقدون بأن هذه طريقة محترمة للتعبير! وهل تقدمون شيئا مفيدا للناس وللوطن حين تنفثون مثل هذا الدخان في سمائنا؟ ..ألا قبح الله التخلف وأهله وحماته ورعاته، وقبح كل آفة على قبحها.. إنها مصيبة وطامة كبرى حين يقوم أبناء البلد بالإساءة إليه، فكل الذي يقرأ ويسمع يعتقد بأن الأردن بيئة مريضة تستوجب الحجر الصحي، وأن أناسها يأكلون النفايات ولا يكترثون لصحة ولا لضمير.. والحقيقة أن آفات البلاد هم هؤلاء المتخلفون الذي لا يرحمون أنفسهم وأبناءهم حين يتداولون سفالات الفكرة والكلمة ويروجونها على طريقة حشرات وزواحف الأدغال، ولم ولن يعلم هؤلاء بأن وطنهم أنظف مما تستوعب عقولهم أو تستشعر أحاسيسهم..

تخلصوا من هذه الثقافة المريضة وتعلموا كيف تحبون وطنكم وتدافعون عنه، وإن كنتم لا تأمنون على سلامة "بطونكم" التي في رؤوسكم، فاذهبوا للعيش في مناطق ترضونها واتركوا لنا الوطن، فإنه يكون أكثر عافية حين تهجره هذه الثقافات المتخلفة التي تستحق وصفها بأنها آفات تستدعي "الرش بكل المبيدات" وأرجو أن تكون هذه المقالة مبيدا يستهدف بعض هذه الأفكار التي بلغت حالة من المرض تعبر عن شدة التخلف والإنكفاء ضد النفس والوطن.