وزراء مظلومون ..!

جفرا نيوز- كتب: ابراهيم عبدالمجيد القيسي. كتبت قبل أكثر من أسبوع مقالة بعنوان "ما مصير الإدارة بعد هذه الهوشات؟!"، ولا أخفيكم علما بورود ردود أفعال حولها،تؤكد بأن وزير الزراعة مظلوم بهذا الخبر، ولأنني لا أخشى أن أعتذر عن خطأ، فسوف يكون اعتذاري مهنيا وسأكتب عن حقيقة الموقف في مقالة قريبة، وذلك بعد التأكد من بعض المعلومات والتغييرات التي تستحق أن تنشر حول جهود الوزير، متمنيا هذه المرة أن يتعاون صديقنا المستشار الاعلامي معنا،للكشف عن إيجابيات نحترمها ونسعى لتوضيحها للناس، ونتمنى رؤيتها في كل وزاراتنا ومؤسساتنا الحكومية.. فانتظروا معلومات حول وزارة الزراعة تبعث على التفاؤل لا التشاؤم.
ومقالتي ليوم الخميس الماضي، التي كان عنوانها "قمة الأمل أردنية"، حظيت بدورها بملاحظات، لأكتشف أن ثمة من يرى أن الوزير محمد المومني بات مظلوما بدوره، ولا يتمتع بكامل الصلاحيات لإدارة الشأن الاعلامي الحكومي، وأن رئيس الحكومة "يكبله"، ولا يعتبره الناطق باسم الحكومة، ويقيد أداءه كوزير دولة لشؤون الاعلام والاتصال ! ..كلام فيه تجن على رأيي وعلى حقيقة ما يقدمه الدكتور المومني في موقعه، وقبل هذا على رئيس الوزراء وحجم ثقته والتزامه بالاختصاص في وزاراته، وتجاوز على حقيقة تقدمية واستقلالية توجهاته .
في المقالة ذكرت بأن أهم نجاحات التحضيرات لقمة عمان التي جرت الأسبوع الماضي هي إعلامية، وهي انجازات تقنية فنية فيما يتعلق بالتلفزيون الأردني وليس في مضامين خطابه واحترافيته، أما فيما تعلق بالدكتور المومني فهي خططية بمضامين سياسية عالية، وهو ما دفعني للقول بأن الرجل يمتاز بخبرة ولغة ديبلوماسية من مستوى متقدم، مقنع ومنطقي عقلاني ومتوازن لا يميل إلى استعراض أو مواربات، وهذا بالضبط ما نحتاجه في عملنا الديبلوماسي، حيث يقوم الأردن بكل المطلوب وأكثر منه، ولا حديث سوى حديث جلالة الملك، يرتقي إلى حجم هذه الأعباء والتضحيات والالتزام، وما قدمه المومني خلال مؤتمر القمة يقع في هذا السياق على الرغم من قلة التصريحات والإجابات التي قدمها، إلا أننا يمكننا فهم خطابه والتنبؤ بعمقه وجزالته لو كان مثلا وزيرا للخارجية، ولا نغبن الزميل الصفدي كفاءته وقدراته بالطبع.
أما الحديث عن أدائه في مكانه على امتداد أكثر من 5 سنوات، فالجدل الصحفي فيه ليس كثيرا، ويكاد الوسط يجمع على ضعف في أداء الوزارة وتواصلها مع الاعلام، ضعف تمثل بحقيقة سياسية نعرفها، وقد سبق لي وأن كتبت حولها، وهي المتعلقة بفرق في أسلوب إدارة الشأن العام مبني على فرق جذري بين شخصيتي الرئيسين الحالي الدكتور هاني الملقي، والسابق الدكتور عبدالله النسور، حيث يتمتع الدكتور النسورمثلا بمزايا اعلامية فردية تنسجم مع قناعته بالفردية التي قيل عنها الكثير آنذاك، حول عدم ثباته على رأي بل وتم اتهامه بالكذب في أكثر من موقف وقرار وتصريح، بينما يتمتع الدكتور الملقي بقوة شخصية والتزام وثبات، ويؤمن بالمؤسسية ليقدم أداء يعتمد على روح الفريق، وينأى بنفسه عن اللجوء للظاهرة الصوتية او الاشتباك واللف والدوران وحلف الأيمان، وهذا يعني أن مكمن الاختلاف متعلق بالقناعات والالتزام بين الرئيسين، ومدى إيمانهما بالاختصاص والصلاحيات، لذلك كان النسور يعتمد على نفسه ويحد من صلاحيات وزارة شؤون الاعلام والاتصال، وكنا نلحظ تغييبا للناطق باسم الحكومة في عهد النسور وتساءلنا آنذاك "وين المومني؟!"، بينما لا يكاد يغيب المومني عن وسائل الاعلام سويعات في اليوم في عهد الملقي، لأن رئيس الوزراء يؤمن بتوزيع الأدوار بناء على الاختصاص والمسؤولية التي تخضع لمتابعة وإشراف مستمر من قبل الرئيس لكل وزير في وزارته، وهو أمر يحدث بعيدا عن الإعلام، ومع هذا أقول بأن ثمة تقصير اعلامي، وتأطير غير مفهوم او منتج لإعلام الرئاسة والحكومة وشؤونه واتصاله مع الصحافة، وهي وجهة نظري بالرد على من يدعي تراجع دور هذه الوزارة في عهد الملقي بسبب من الملقي نفسه.
حكومة الملقي واضحة؛ قامت بإجراءات كثيرة، وصل إلى الناس المثير منها، استنادا إلى حقيقة سياسية مؤلمة لا بديل عنها وهي "لا شعبية" بعض قراراتها، ولا أعتقد مثلا أن الملقي اتخذ قرارا لا شعبيا ويبعث على الغضب بحجم قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي اتخذه النسور قبل أكثر من 4 سنوات، لكن النسور دافع عنه وحيدا وأقنع الجميع به رغم خطورته آنذاك، بينما اليوم تتخذ الحكومة قرارات يمكن اعتبارها انجازا على صعيد الاقتصاد والحريات واستقلال الاعلام، كفصل مؤسسة الاذاعة والتلفزيون عن وزير الدولة مثلا، ولا نجد من يثمن او يقيم إيجابية هذا القرار الاصلاحي الجريء، بل إن بعض أصدقاء الدكتور المومني يعتبرون هذا القرار هو الدليل على تقليل صلاحيات وهامش وزارة الدولة لشؤون الاعلام والاتصال، وهي نظرة قصيرة المدى لا تنسجم مع قناعة الحكومة بالمؤسسية وبتوجهات الدولة الاردنية الاصلاحية الداعمة للحريات الاعلامية واستقلالها، حتى وان كانت تابعة للدولة، فالدولة شيء والحكومة مجرد سلطة فيها خاضعة للرقابة، ويريد الملقي أن يتعامل معها الاعلام الرسمي على هذا الأساس، وليس على أساس أن هذه المؤسسات حكومية وتدافع عن الحكومات فقط.
المثال الأول "وزارة الزراعة" في مقالتي يثبت أيضا عدم اهتمام اعلام الدولة بالدفاع عن مؤسساتها، وهو خطأ يمكن اعتباره منسجما مع قصة التقصير التي أتحدث عنها، والتي رسخت بسبب فردية الرئيس النسور وتكبيل وزارة الدولة لشؤون الاعلام والاتصال ووزيرها، حيث أصبح التواري عن الصحفيين سياسة في ذهن بعض الزملاء الرسميين، لكنه كما نرى يكون غيابا على حساب الوطن وعلى حساب الحكومة ووزرائها ونشاطاتهم وانجازاتهم.
نكررها في هذه المقالة أيضا: الملقي لا يكبّل الاعلام الرسمي، بل حرره وجعله مستقلا، وهي تحتاج إلى اعلام ذكي يرتقي إلى مستوى انجازاتها وطبيعة أداء رئيسها، الملتزم بالمؤسسية وبروح الفريق وبالشفافية ومبدأ "لا يصح الا الصحيح"..فتوقفوا عن الكيديات ومنطق الشلليات.