حوادث السير... قاتلة الأردنيين الأولى
جفرا نيوز- كتب: فارس الحباشنة أي توصيفات مناسبة لحوداث السير في الاردن مسألة بغاية الصعوبة والخيال؟ ويدخل الوصف في الهلوسة المفتوحة مع كل حادث سير جديد يرهق خيال الاردنيين في انتاج وصف متين ملائم لما يجري على طرقات المملكة.
نقمة حوادث السير على الاردنيين ليست بالطارئة، بل أنها واحدة من الاسباب الكبرى لقتل الاردنيين، تضاف الى جانب المخدرات والانتحار والفساد الغذائي. ما نراه من حوادث سير في بلادنا لا مثيل لها في العالم.
حصيلة حوداث السير لعام 2016 تشير الى 950 قتيلا واكثر من 1500 جريح، اي بمعدل نحو 3 قتلى يوميا، وهذا الرقم مرشح للارتفاع بنسبة عالية خلال العام الجاري بسبب استمرار عدم جدية الحكومة والادارات المعنية في معالجة المشكلة.
حادث الصحراوي المروع الذي وقع قبل أيام، وذهب ضحيته 9 وفيات و22 اصابة يمكن اعتباره
اخر الحوداث الكارثية لحد ما، رغم أن الحادث الذي وقع يوم الخميس الماضي تلاه 3 حوادث حصدت ارواح 3 مواطنين ابرياء وواحد من الحوداث تكرر حدوثه على الطريق الصحراوي.
«طريق الصحراوي» المهتري كان الاردن لزمن قريب يفاخر العالم به باعتباره رمزا لحيوية منظومة البنى التحتية في البلاد، وصلة نقل حيوية تصل الاردن بدول الاقليم من اليمن الى تركيا. واليوم تحول الطريق ليتصدر واجهات الصحف جراء ما يقع به شبه يوميا من حوادث سير مروعة.
لربما أن حصة الطريق الصحراوي من حوداث السير توازي لحد ما 50 % من حوداث السير التي تشهدها المملكة، كل يوم يضاف ارقام جديدة الى قوافل شهداء حوداث السير على طرقات انفقت الدولة ملايين على تشييدها، ولكنها تفتقر الى ادنى صيانة وتترك في حال انفلات اصبح أكبر من كل سياسات وخطط الترقيع التي تنهجها الحكومة.
خبر حادث الصحراوي الكارثي ذهب مع الريح دون ادنى تفاصيل واضحة عن الاسباب المرورية الموضوعية التي أدت الى وقوع الحادث، بعيدا عن التقرير الروتيني غير المقنع للتحقيقات المرورية.
ثمة ما هو مرعب في تعامل الحكومات مع حوادث السير وغيرها بعقلية الرعب من اسرار وتفاصيل اي حادثة او واقعة باختلاف شكلها وابعادها الجرمية، لتضاف الى صندوق العجائب والالغاز.
اسئلة كثيرة عن الواقع الاردني تثير الدهشة والاستغراب. الاردنيون اعتادوا على الموت المجاني والرخيص والسهل، واعتادوا على موت الطرقات، وادمنت مسامعهم على تبريرات سطحية وخفيفة يروجها مسؤولو الحكومة كلما وقعت فاجعة تلم بالاردنيين. مشهد يشبه افلام «المجتمعات البدائية «، والمهم أن يمر الحادث بكل اوجاعه بالرهان على عامل النسيان أو انفجار فضيحة اخرى تشغل خيال الاردنيين.
علامات فشل وارباك واضحة في ادارة الحكومة في التعامل مع «حادث سير «، فكل حادث سير والفاجعة تكبر وتتضاعف بشكل اللعن. الكوارث المرورية وغيرها تقع بلا هوادة، والاطراف الرسمية المعنية تكون حاضرة، فالازمات تكبر بل تتفجر مفاعيلها، وكأن ثمة وسما مربوطا ما بين المسؤول الحكومي والازمة لا يلغي احدهما الاخر.
فلم نسمع على مر المصائب والكوارث التي اصابت الاردنيين أن مسؤولا طرد من منصبه لتحمله مسؤولية خطأ ما، فيبدو أكثر أن ثمة تعايشا مع النكبات والازمات، بل أنها قد تكون هي سر استمرار وجود كثيرين على كراسيهم، فالازمة والكارثة تعني أن العطب والخراب في عقل الادارة موجود، لربما يكون هذا هو المطلوب قسرا.
الموت مجاني وكذلك الحياة. فلا يعني أن ثمة ما يعلن تحمله المسؤولية، الفشل والاخفاق مكيانزيم يحرك اشياء وامورا كثيرة، تنهار شروط الحياة بسهولة، والناس تموت في الشوارع وعلى ابواب المستشفيات بدون سبب بالمجان. والباقون والهاربون من الموت العابث لا يملكون الا البكاء والندب و «حبر المراثي ».