جولة الملك سلمان... إنها اللحظة التاريخية الحاسمة

جفرا نيوز- كتب: الوزير والسفير السابق محمد داودية  

كان الرهان الإسرائيلي هو ان المملكة العربية السعودية ستضطر الى طلب العون التقني والاستخباري من الولايات المتحدة الاميركية، لاقتلاع الحربة الإيرانية من خاصرتها اليمنية. وان تلك الحاجة القاهرة، في اللحظة التاريخية الحاسمة، ستجعل اميركا تعلن انها لا يمكن ان تقدم هذا العون بدون موافقة حليفتها الاستراتيجية إسرائيل خشية الاخلال بمعادلات الامر الواقع في الإقليم والتاثير على امن إسرائيل.

كان ثمن ذلك لو تم، هو اشتراط، اعتراف سعودي - خليجي بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين التاريخية وانهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفق رؤى نتنياهو واملاءاته.

تجري على وسائل التواصل الاجتماعي العربي نقاشات حادة حول السياسة السعودية في اليمن وسوريا والعراق ابرزها:

1- القول ان السعوديين لم يستطيعوا احتواء فصيل وجار صغير كالحوثيين اليمنيين مما نجم عنه دمار هائل وخسائر بشرية وتجريف للثروة النفطية وخصومات مذهبية طويلة الاجل.!

2- القول ان السعودية لن تتمكن من احتواء العراق بكل جماعاته المسلحه والمتناحرة وستفشل في انتزاعه من القبضتين الايرانيتين؟

3- وعلى هامش زيارة عادل الجبير وزير الخارجية السعودي الى بغداد انبرى من يقول ان السعودية ستعرقل السلام في سوريا لاختلال موازين القوى لمصلحة النظام السوري القائم.

كل تلك الملاحظات وغيرها، حول السعودية، برزت على خلفية جولة الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية السعودية التي تشمل اقطار آسيوية، ابتدأت بماليزيا وستنتهي في الأردن بزيارة رسمية ثم يشارك في القمة العربية.

ان ما تفعله السعودية اليوم هو إنعاش طبيعي لصداقاتها الواسعة في العالم وتطوير لدورها الإقليمي ومحاولة اختراق الدرع الإيراني من اجل استرداد الشيعة العراقيين العرب الى الحوزة القومية التي كانوا من روادها وقادتها على مر العصور.

وان حركة السعودية الراهنة هي اغتنام اللحظة التاريخية الراهنة .التي تتقاطع فيها وتنسجم مع بزوغ الادارة الامريكية الجديدة بقيادة رئيس جديد بعقيدة سياسية وعسكرية واقتصادية مختلفة ابرز مؤشراتها عدم التسليم لايران بالهيمنة على المنطقة.

ورغم كل ما يقال فهناك تعاطف مع السعودية وتفهم لسياستها لأنها "حلت محل عراق صدام حسين في التصدي لتصدير الثورة والمذهب واطماع التوسعية الفارسية التي امتدت نحو ثماني سنوات داميات انتهت بتجرع كأس السم كما قال الخميني حين وافق على انهاء تلك الحرب في 1988.8.8".

هذه هي الحرب العربية - الإيرانية الثانية في الحقبة الأخيرة. وهما حربان مدمران مهلكتان للأطراف كافة وقد آن الأوان لاعادة النظر في العلاقات العربية الإيرانية لجهة التيقن من انه لا مفر من اعتماد القواعد الامنة التي تعتمدها شعوب العالم المتجاورة والمتشاطئة واساسها: عدم إمكانية مطلقة لغلبة وهيمنة احد الأطراف وقاعدة حسن الجوار وعدم التدخل المتبادل في شؤون الطرف الاخر وعدم التهديد والغطرسة واحترام السيادة الوطنية وعدم استخدام غرائز التعصب المذهبي والديني والقومي والاثني في العلاقات بين الدول.

نعول كثيرا على هذه جولة عاهل السعودية التي تجيء ممهدة لقمة عربية نوعية ناجحة في عمان تعيد الاعتبار لضرورات اندحرت خلف دخان القصف والبارود والدمار وابرزها ان الامن في الإقليم هو امن اقتصادي-عسكري- ثقافي وان الامن في الإقليم هو امن قومي بامتياز.

وبالتاكيد فسوف تكون الحرب على الإرهاب وتعزيز صفوف الحلفاء المتعاونين لدحره والتسريع في هزيمته هي احدى ابرز ثمار جولة الملك سلمان وخاصة اثناء القمة الأردنية – السعودية التي ستسبق القمة العربية.