ماذا لو تم وقف استقدام عاملات المنازل؟

جفرا نيوز-كتب: فارس الحباشنة بمنأى عما يتسلل من قضايا حقوقية في ملف عاملات المنازل. وكما يبدو فان هذا الملف عصي على الاصلاح ومعالجة الاختلالات التي تصيب العلاقة بين أطراف العمل: العاملة ومكتب استقدام والكفيل. فالطريق غير معبد رغم الرغبة الجامحة لدى وزير العمل علي الغزاوي بالوصول الى «الهدف الوطني والانساني المنشود» في تنظيم وضبط قطاع استقدام عاملات المنازل. ولأن الحكومة مازالت متوقفة عند ما يسمى سياسات «تقيف الانفاق» فانه قد اصبح من الضروري، بل من الملح تفصيل اجراءات لضبط عملية استقدام عاملات المنازل تتلاءم مع الظروف الاقتصادية الخانقة التي يمر بها الاردن. فالاجر الشهري للعاملة الفليبينة وصل الى 350 دينارا وكلف الاستقدام تزيد عن3 الاف دينار، فيما تشير احصاءات الى أن معدل أجر العامل الاردني الشهري يتراوح ما بين 330 الى 350 دينارا، وهي مؤشرات تبقى أكثر من ثلثي سوق العمل المحلي بقطاعيه العام والخاص تحت مستوى «خط الفقر». وبمزيد من التحميص والتدقيق، فان استقدام عاملات المنازل لم يعد متكيفا مع «اقتصاد مازؤم»، ولم يعد ممكنا الاستمرار باستنزاف الاقتصاد الوطني بتحويلات مالية تقدر باكثر من نصف مليار دينار سنويا. في الاردن نحو 250 الف عاملة منازل اجنبية، لم يعد كثير من العوائل الاردنية بحاجة الى عاملات المنازل، لأكثر من سبب وفي مقدمتها التكييف مع «الاوضاع الاقتصادية». لم يعد ممكنا الحفاظ على رونق النمط «الاستهلاكي الترفيهي» الذي طغى على عيش الاردنيين كما رأينا لاعوام طويلة، حيث كانت عوائل الطبقة الوسطى بدخلها العام قادرة على تحمل كلف تشغيل عاملة منازل، كنوع من الترفيه في الخدمة المنزلية. ولكن الان بعد انحدار مستوى المداخيل وارتفاع الاسعار بات من الضروري الى اخضاع هذه الخدمة الاجتماعية الرعوية الى المراجعة. وقد يكون من المناسب تناول الموضوع من «زواية موازية»، حيث أن مهنة عمل المنازل، يمكن أن توفر الالاف من فرص العمل للاردنيات، وتضاف الى قائمة المهن التي اخترقتها المرأة الاردنية. مع العلم انه في زمن مضى كانت المرأة الاردنية تعمل في مجال خدمة المنازل، ولكن الافراط باستقدام عاملات اجنبيات وبزوع افكار اجتماعية رجعية ومتخلفة دفعت المرأة الاردنية الى مربع العزوف وعدم الانخراط. اردنيات كثر لا يجدن حرجا من العمل في «خدمة المنازل»، ولربما أن تكون هذه المهنة اقل وطأة عليهن من العمل في قطاعات اخرى تعرضهن الى «السخرة والاستغلال»، وأليس أكثر من برهان ودليل على ذلك قطاع الغزل والنسيج الذي لا تتوافر به الحماية القانونية ولا يقدم الاجر المناسب ويستغل العاملات بابشع واعتى الاساليب والطرق. من هنا يأتي «تقيف الانفاق» الحكومي، ووصفة التشدد باستقدام عاملات المنازل واحدة منها، ولربما أن سرها قد يكشف عن جدية حكومية في التفكير بنجاعة للعبور من الازمات الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد. في الايام الصعبة يمكن التفكير بشراسة لتطهير البلاد والعباد من مظاهر استهلاكية خارجة عن مقاسات حاجات واولويات المجتمع المعيشية.