فريد ناصيف .. إلى السادة الأعيان المحترمين أما آن للقيد أن ينكسر ؟

جفرا نيوز - بقلم:- فريد ناصيف

سلام الله عليكم, ونعرب لكم عن جلّ الاحترام والتقدير وبعد.
ما دفعنا إلى مخاطبتكم اليوم، قيد الروتين الذي أسبغتموه على كافة اجتماعاتكم، وكأنكم معيّنون فقط لدعم الحكومات في مشاريع قوانينها، ومخالفة مجلس النواب في التعديلات التي يجريها على تلك المشاريع، وحالات ذلك متعددة آلت إلى أكثر من جلسة مشتركة لمجلسيكم الكريمين.
ما يعجب منه الشعب الأردني اليوم، سؤال يطرح نفسه باستمرار، فحواه، كيف مرّرتم قانون الموازنة العامة في جلسة واحدة ؟
وكيف آثرتم على أنفسكم تمريرها، وأنتم تعلمون أن عجزها سينصب حمماً لهّابة على جيوب الشعب الأردني ؟
ألم يخطر ببالكم مناقشتها بدقةٍ، ومعرفة الأسباب التي أدت إلى ارتفاع المدنيونية في السنوات الأربع الأخيرة من (12) مليار إلى (26) مليار دينار تقريباً ؟
وهل فكرتم بتشكيل لجنة داخلية من أعضاء مجلسكم الكريم للاستفسار من زميلكم العين دولة رئيس الوزراء السابق عن سبب هذه الزيادة في المديونية، حتى تقفون على حقيقة تصرفاته التي جرّت الويلات على الأردن وشعبه ؟
ألا تتذكرون عند تشكيله لحكومته عام 2012 كيف خاطب الشعب الأردني عند رفعه الدعم عن المشتقات النفطية ؟
ألم يكن خطابه خطاب المعلم لتلاميذه من على شاشة التلفزيون الأردني وهو يقول: "ارتفع سعر النفط بنرفعْ سعره/ انخفض سعر النفط بنزِّلْ سعره !".
ووضعت معادلة لتسعير المشتقات النفطية، بحاجة إلى من هو فصيح في علوم الرياضيات لفهمها، ولن يفهمها !
لم يسعف كل ذلك الموازنة العامة، ولا عجزها، فعبر مشروع قانونها مجلسكم، وزادت الحكومة أسعار المشتقات النفطية من جديد، فازداد الطين بلّة على الشعب الذي لا حول له ولا قوة.
ما يثير الاستغراب، اغلاقكم لعيونكم واستدارتكم عن نص المادتين (87) و (96) من الدستور اللتين حصّنتكم، ومنحتكم نفس الحق الذي منحته للسادة النواب بتوجيه الأسئلة والاستجوابات لأي من الحكومات !
لا ندري، ولكننا على يقين، أن اختيار صاحب الجلالة لأشخاصكم، لم يكن بهدف دعم الحكومات والتستر على أخطائها السابقة واللاحقة، وإنما للرقابة عليها وممارسة حقكم في تطبيق أحكام الدستور والقيام بالواجبات الموكولة إليكم حق القيام !
كيف يمكن تفسير ذلك ؟ وقد طالعتنا صحيفة يومية قبل حوالي سنتين عن محاضرة لعينٍ محترم، صاحب دولة، نبّه فيها إلى أن ارتفاع المديونية من (11.3) مليار إلى (23.5) مليار هو أمر مقلق، فرأينا منه قولاً، ولم نرى منه حينها، فعلاً في المجلس، ولا بعدها !
لقد أضعتم فرصةً كان من الممكن معها تنبيه الحكومة وتأنيبها، من أن الإجراءات المنوي اتخاذها بفرض الرسوم والضرائب، ستفلس جيوب المواطنين، وتزيد فقرهم، وما سينعكس عليه الحال من مشاكل إجتماعية وأخلاقية وجرمية !
إلاّ أن قيد الروتين هو الغالب، فمرّرتم قانون الموازنة العامة دون الالتفات إلى الأسباب التي عظّمت المديونية وعجز الموازنة.
لله درّكم ! لا نقولها مدحاً، وإنما تعجباً واستغراباً من صمتكم وروتينكم !
أما آن لهذا القيد أن ينكسر ؟
فتسجلون موقفاً برفض المشروع، وتعيدوه إلى مجلس النواب لإعادة بحثه ومناقشته، وإيجاد الحلول الناجعة بدلاً من زيادة الرسوم والضرائب، تماماً كمشاريع القوانين التي أعدتموها إلى مجلس النواب ؟
أم أنّ لمشروع قانون الموازنة العامة قدسية خاصة ؟
لننظر وإياكم بنظرة فاحصة ودقيقة، أليس ما يحدث اليوم في بعض مدننا الأردنية، هو نتيجة لتقاعسكم عن القيام بالواجبات الموكولة إليكم ؟
متى تستيقظون من سباتكم، فتتصدون لإجراءات الحكومة قبل أن تفلت الأمور، ويهلك الزرع والضرع ؟
ألستم أنتم صمام الأمان للشعب في مجلس الأمة ؟
أصحاب الدولة والمعالي والسعادة الأعيان المحترمين،
لم يأتِ بكم سيد البلاد إلاّ لتكونوا عيوناً للشعب قبل أن تكونوا عيوناً له، فهمّه الأول شعبه الأردني والعمل على راحته وتأمين قوته وأمنه واستقراره.
فأين أنتم من ذلك ؟ وهل سنرى في جلساتكم القادمة كسراً لهذا القيد، وثورة على الروتين الذي عودتمونا عليه، أم أن الحال سيبقى على حاله ؟
الشعب ينتظر، والله وحده الأعلم.