بمناسبــة «عيــد الحــب»
جفرا نيوز - كتب: فارس الحباشنة
حاولت الى حد ما أن أكتب هذا العام بمناسبة «عيد الحب « ما هو مختلف عن الاعوام الماضية . وليس الحب في سياق البحث عن علاقة عاطفية أنما الحب بالبحث عن المشاعر والعواطف بعيدا عن كوابيس الكوارث المعيشية وضنك العيش والمآسي الكبرى التي تحيط في الحياة من حولنا من مجازر وحروب واقتتال طائفي وهوياتي يدب في ربوع بلاد العرب .
لربما أن السؤال عن «الحب « لا يمكن استبداله عى مدار العام . كثيرون لا تتحمل بلادتهم الحديث عن «الحب « ، وقد يستبدلون هذا السؤال الجميل والعظيم باشياء تافهة وسخيفة وساذجة واستباقية مبتذلة تلعن الحب وتحرم الناس من التمتع في احلامه وشجونه واماله .
في» عيد الحب « الماضي ، كتبت عن محنة الحب في عيده، وما يواجه من استبداد التحريم والفقر، ولربما أن ذات السؤال ما زال مطروحا للاستهلاك التفكيري، بانتظار الفرج من السماء، فعيد الحب يحل هذا العام، والاردنيون يواجهون اقسى قرارات اقتصادية تضرب استقرار عيشهم بلعنة الفقر والعوز وقلة الحيلة .
كيف يمكن أن يتغيير السؤال ؟ وقد أقدم امس الاثنين سائق عمومي على حرق مركبته احتجاجا على» مخالفة السير « ، وتعبيرا عن احساس بظلم وغبن ما . فييدو أن ثمة ماكينة عمومية تطحن وتستهلك ما قد تبقى من رصيد للقيم والعواطف والمشاعر الساكنة في نفوسنا .
ليس أكثر من الاستهلاك القاسي والجاف هو الذي يسيطر على كل شيء من حولنا . ولربما هو الشغل الشاغل الذي تبتلي به العقول في تفكيرها في تحليل وفهم والبحث عن طريق للعبور نحو مستقبل أفضل واصلح . وأكثر ما تضرب به ماكينات الاستهلاك انها ملئية بحشو الكلام والافكار والاعتقادات والاوهام والتضليل، حيث تقف على رأس» نفق الزمن « انتظارا لفرج لا نعرف من أين يمكن أن يسقط على الارض .
لا أحد لديه اليوم صورة أو فكرة عما يمكن أن كتابته العام القادم بمناسبة « عيد الحب « ، أليس أكثر ما نذعن اليه هو الاحساس بالفقد والخسارة، حتى حركة الزمن بات معطلا ومعلقا، فهل تتخيل أن تشعر بالاحتفال بالحب وأنت فقير ومظلوم ومقهور ؟ وهذا ليس احساسا فرديا بل جمعويا، يغذي بطريقة رجعية وعي الرأي العام وتفكيره بالواقع والمستقبل .
في المحن أشد ما تنشط هي غريزة الخوف، لانها وحدها القادرة على حماية الانسان، فلا العقل ولا التفكير يصلحان، فالغريزة هي سياج الامان في لحظة الاندفاع نحو الهاوية، حيث يمكن البحث عن سبل لاطواق النجاة، وحتى ولو بقوة الغريزة التي لا تحترم القانون العام .
شكرا، لعيد الحب، ولربما جعلنا نفكر وننظر عام بعد عام بطريقة سوداوية لحد ما، ولكنها قد تكون تجاوزت بافقها المطروح اسئلة جرئية مختزنة في العقول عما يحمله قادم الايام . فاي عاقل ومتنبه للحظة التي نعيشها لابد ان يعرف أن العبور نحو المستقبل لا يمكن أن يحمل شريحة او فئة اجتماعية بذاتها دون تكوين طوق نجاة يحمي الجميع .