نايف الليمون يكتب : المزاج الاردني ..
جفرا نيوز - نايف الليمون من لا يدرك ان المزاج العام الاردني قد تعكّر صفوه بشكل لم يسبق له مثيل بالرغم مما مر في تاريخه من انتكاسات كبيرة فلا شك انه لا يحسن القراءة والتقدير . ومن لا يدرك ان التغيير الكبير في المزاج الاردني قد انعكس الى أنماط سلوكية نابعة من التركيبة النفسية التي تشكلت وأصبحت قاسما مشتركاً كبيرا لدى الشعب الاردني وأصبحت مرجعية تلقائية للقناعات والأفكار والتوجهات بدلا من اي مرجعية سابقة أيدولوجية او عشائرية او مناطقية او غير ذلك مما ألفنا وتعايشنا معها على مدى عقودٍ مضت ، لتصبح الرابطة الجمعية والذهنية الجمعية وربما الأواصر الجمعية " أغلبيتنا الساحقة اردنيون " ولو كانت كلنا بدلاً من أغلبيتنا لكانت حالةً وطنية تستدعي الفخر وتولد جلداً وصبرا ومثابرة ؛ من لايدرك ذلك فهو بحاجة الى اعادة تأهيل وتوجيه . المزاج الاردني اليوم لم يعد مستمدا مما ظل يوصف به بأنها " الطيبة الاردنية " والتي هي حقيقة اصيلة فيه ويعرفها العالم اجمع في الشعب الاردني ، الا ان الطيبة الموصوفة في خطاب وتعامل النفعيين والانتهازيين والمتسلقين أرادوها استغفال الأردنيين فجعلوا الطيبة في مفهومهم رديفة وملازمة الجهل ، وعزز من ذلك التغاضي الذي صنعه نفاق البعض وأطماعه الخاصة او استكانة الحاجة المذلة من البعض او عدم الاهتمام ممن وجدوا في شؤونهم الخاصة وأعمالهم الخاصة ما يصرفهم عن ان يُعنى بالشأن العام واختلالاته الى ان وصل الجميع الى صخرة الارتطام التي دقت رؤوسنا جميعا فوقفنا مذهولين وحالنا يقول " من ايقظنا من مرقدنا هذا " ؟ المزاج الاردني تعكر وتكدر في ظل اختلالات اجتماعية واقتصادية وسياسية جعلته يدرك الذي غفل عنه او تغافل وسكت عنها سابقا مختارا او محتارا واستجلب كل كوامن نفسه في عقود وزاد عليها من مرارة معاناته وواقعه الذي لا يملك اي أدوات تمكنه من التعايش معه او تحمله فأصبح يحمل بين جنبيه جوارح متشككة من كل شيء غير واثقةٍ بأي شيء تقدم سوء الظن على إحسانه دوما ولا تقتنع بكل الخطابات التطمينية التي ملتها وما عادت تقنعها . المزاج الاردني اصبح اليوم يستند الى معطيات ملموسة من غياب للعدالة جعلت الأفواه التي سكتت حيناً من الدهر تنطق بلا تردد بأن من تناوبوا علينا بلا وجه حق من هالكٍ لمالكٍ ومن والدٍ لولد ليسوا حقيقون بكل هذه الامتيازات التي جعلت منهم سادةً يأمرون ويصنفون ويقربون ويبعدون ويحتكرون الوطنية زورا ويستحوذون على الغنم واقعا وزاد من بلة الطين ما انكشف جهارا نهارا من فساد بعضهم الكبير الذي يشكل جزءا كبيرا من معاناتنا وازمتنا ان لم تكن كل أزمتنا ولا يثق الاردنيون بأن أصناف هؤلاء هم ممن يجدهم الوطن في الشدة كما هم وجدوا وطناً في الرخاء ويتيقن الاردنيون بأن سلاح هؤلاء الاحتياطي في جيوبهم جوازات سفر لكل العالم الخارجي الذي ترنو اليه ابصارهم عندما تنهي فترة مصلحتهم الامنة . الاردنيون يدينون بالولاء للعرش الذي التفوا حوله وافتدوه ولا يقبلون عروشا للنفعيين والانتهازيين والقطط السمان التي لا تدرك معاناة الناس وهمومهم . المزاج الاردني تكدر وتسرب اليه اليأس والاحباط وحتى الكراهية من تشويه إرادة الناس في الاختيار وكانت الذرائع دوما هي مصلحة الوطن وما كان الا نحر الوطن وتقسيمه طوليا وعرضيا ولكن المعاناة جاءت لتجمع شملهم في المخرجات . وان انعدام الثقة التي كانت تُجرُّ اليه العامة تجاه مؤسسات مهمة في الدولة الاردنية انسحب على كل المؤسسات فأصبح التحدي الأكبر الذي يواجه الدولة الاردنية هو فقدان الثقة والتي يعززها غياب المصداقية بشكل واضح وفاضح وعدم وجود نية صادقة واجراءات واقعية فاعلة لاجتثاث الفساد وتصويب المسار . نعم المزاج الاردني تغير وتكدر . فهل من مغيث صادق ؟؟؟