للاردنيين أحذروا من باسم يوسف ..

جفرا نيوز - فارس الحباشنة  حتى زمان قريب كان باسم يوسف الساخر المصري حالة استثنائية متميزة في النقد السياسي و التهكم على السلطة التقليدية ورموزها ، خفيف الظل ساخر اطلالته اثارة اعجاب الملايين من متابعي الشاشة العربية ، صاحب اسلوب ساخر متميز وظف النكتة الشعبية في الهجاء السياسي ، وقدم عروضا متميزة للكوميديا السياسية السوداء ، واسهب في هجاء السلطة السياسية و الدينية الرجعية و التقليدية .
ولكن ، هذه الظاهرة الكوميدية تغيير لون جلدها بعدما هربت الى المنفى الامريكي ، لم يبقى باسم يوسف كما تعود الجمهور المصري و العربي على اطلالته ، تماهى مع النموذج الامريكي بالتعالي على الواقع ، بما يطرح ما نقد وادانة . بل أنه بدء اكثر برغماتية و انتهازية في لغته المغسولة بالافكار الليبرالية في تشريح و نقد الواقع .
انسلاخ تدريجي و هروب من الواقع الذي يتنمي اليه ، ويدعي بانه بالكوميديا و السخرية يدافع عنه ، ويسعى الى تغييره واصلاحه من عبر ادوات ناعمة ، تؤمن بالحرية و العدالة و المساواة و سلطة الكلمة و الضحكة الحرة و المسؤولة .
انقلاب باسم يوسف لربما هو مرتبط عضويا بما يصيب بالعادة النخب الثورية العربية ، وسرعان انجرارها منبهرة وراء النموذج الامريكي وتغيير مشروعها الذي حملت راياته في اول الطريق ، وهكذا فانها تصبح تنظر الى العالم من زاوية مصالحها و مكاسبها وخلاصها الفردي ، بهذا يتحول من ساخر الى ساحر .
هذا ما قد تلامسه في متابعة عروض باسم يوسف الكوميدية الجديدة ، والاخير يحل ضيفا الان على عمان ، وقدم عروضا لقناة رؤيا و اخرى في احد مسارح عمان ، فيبدو على الصيغة الكوميدية التي يقدمها أنه يحتقر الجمهور العربي ، فاكثر ما يقدمه في صناعة الضحكة هو ابتذال واستهبال لا يرتقي الى مستوى الكوميديا و السخرية .
و أكثر ما يقدمه حقيقة هو امتعاض شديد من الجمهور الجالس امامه سواء على مدارج المسرح ام شاشات التلفزيون ، يجتر بعض المشاهد من عروض شابقة قدمها أثناء الثورة المصرية من برنامجي الميدان و البرنامج اصبحت بليدة غير مؤثرة و قديمة مهترئة ، لربما تثير ضحك من لا يفهمون سياقها .
باسم يوسف كما ظهر في اطلالته الاخير هو مقلد لباسم يوسف الذي عرفناه واحبباه في زمن قريب . وعدا عن ملاحظات نقدية اخرى تتعلق ايضا باطلالته الباهته و التقليدية و انعدام خفة الدم وروح الفكاهة و التقاط فرصة الموقف المتاحة لانتاج سخرية ما .
أكاد اجزم بان باسم يوسف ضيف عمان الان ، لا يعلم شئيا عن السياسة و المجتمع الاردني ، حتى يقدم مثالا عروضا كوميدية ساخرة ، فيبدو حقيقة أن قدر المبدع العربي عندما يغير ثوبه ، فهناك فارق كبير بين السخرية والتريقة والتهريج .والتي في النهاية لا تخدم المتلقي و المتفرج بشيء ، مجرد خدع بصرية لا تضيف شئيا الى وعي الجماهير المجروحة و المهزومة و المكسورة في وجدها وعيشها وكرامتها .
وهذا النمط والشكل  المبرمج للتأثير على الرأي العام تقوده ماكينات اعلامية توظف صحفيين و مثقفين وفنانيين وسياسيين لتمويه المشروع الوطني ، و لاسقااط الرأي العام في حالة تيه وهذيان جموعي متنكر لاي مشروع سياسي وطني ثوري تقدمي اصلاحي جاد .
باسم يوسف كما بدء في اطلالته الاخيرة ، هو اقرب الى العقيدة و النموذج الامريكي ، وهي حالة استلاب حضاري تعاني منها النخب العربية ممن يرتبط وعيهم بالايدولوجيا الامريكية و الغربية " والمقصودة هنا الحكومات والمؤسسات العسكرية و الاقتصادية الاستعمارية " ، وهولاء هم اليوم على أمتداد الجغرافيا العربية المحروقة يبحثون عن عناوين جديدة كالديمقراطية و اليبرالية و سياسة السوق ليطلون بها على المجتمعات العربية الحائرة .
هو باسم يوسف ، نعم يدافع في الصيغ الكوميدية الجديدة التي يطرحها على جمهوره عن صورة امريكا واسرائيل وتبرئتها من الجرائم التي ترتكبها بحق شعوب العرب و العالم الثالث . وهي تقنية بانزياح الصورة وتحريفها كلفت الامريكان مليارات الدولارات لتحسين شكلها في خيال مجتمعات العالم .
خطورة ظاهرة باسم يوسف على العقل العربي لا تقل عن مشايخ الفضائيات ، اوليك من ينظرون الى الوجود و الحياة و العالم بعين عوراء . فهو يستخدم بالكوميديا الباهتة التي يقدمها للجمهور ذات الافكار حول الوطن و السلطة و الاخر ، وأن اختلف الشكل ، فباسم يوسف يطل مرتديا ملابس عصرية و "نيو لوك " في الاستعراض البهلواني .
ولربما أن السياق يتسع لكلام اعرض واطول عن باسم يوسف ، ولكن وقد ضاق الصدر من الكلام ، ولذا فقد وجب طرح القلم ارضا . والبحث عن مرمى ثاني لاكمال سهرة الليلة .. طابت اوقاتكم .