تحرشات نظام الأسد لابقاء درعا مشكله اردنيه

جفرا نيوز- هل ينبغي للأردن أن يقلق؟ هذا السؤال يتجول في أروقة غرفة العمليات الأردنية وهي تراقب ما يتردد عن «كوريدور آمن» يقترحه النظام السوري قصدا وعملياتيا للمقاتلين المسلحين الراغبين بالانتقال أو التحرك من محيط كل المناطق المشتعلة في إتجاه «درعا» في الجنوب الذي هو نفسه شمال الأردن.
عمان بنخبها ومؤسساتها لا تتحدث عن هواجسها المفعمة بالاستثمار السياسي السلبي في منطقة جنوب سوريا حيث حدود مغلقة تماما عسكريا ومخيم صحراوي قريب هو الركبان يقطنه الآن نحو 100 ألف سوري لاجئ بعدما تشكل من 40 فقط.
والأهم حيث تقنية معلومات «جوية» واستخبارية إسرائيلية لا توجد ضمانات بنزاهتها، تراقب حراك وتنقلات المقاتلين وحيث أطقم الدعم الدولي الإنساني الضاغطة وفقدان مركزي بالقطعة لهامش التأثير والمناورة الأردني في وسط عشائر درعا ومحطيها الاجتماعي.
العالمون ببواطن الأمور هنا يتحدثون عن مجموعة من الخصوم أو المرشحين للخصومة من المسلحين المتنوعين.
بالقرب من نهر اليرموك الملاصق للحدود مع الأردن ثمة كتيبتان مقاتلتان على الأقل بايعتا تنظيم الدولة الإسلامية العدو الأبرز والأول للأردن.
وفي الجانب الغربي الملاصق من درعا تستقر قوات جبهة النصرة التي لا تصنف باعتبارها «العدو» لكنها ليست صديقا في الوقت نفسه وإن حرصت الآن ومرحليا على تجنب أي صدام مع السلطات الأردنية.
وفي المكان وسط درعا وعلى نقاط محددة من الحدود مجموعات غير منضبطة من الجيش الحر الحليف للأردن في إطار علاقة عمل فقدت اليوم وظيفتها السياسية وتأثرت كثيرا بالعوامل الإقليمية والدولية.
بالجوار أيضا من درعا وليس من الأردن قوات تنظيم «الدولة» في تدمر ودير الزور.
ولم يعد سرا ان ميليشيات من الحرس الثوري ومن حزب الله متمركزة في وسط درعا وبالقرب من الطريق الدولي الشهير عمان – دمشق وتنتظر اللحظة المناسبة والضوء الأخضر للانقضاض.
كما لم يعد سرا أن القائد الأردني المشاغب في جبهة النصرة والمدعو «أبو جليبيب» الذي يقود مجموعة مقاتلة شرسة يضغط للعودة إلى درعا مع مقاتليه بعدما أبعده أبو محمد الجولاني لصالح ترتيب مفترض مع عمان.
الـــجــولاني أمـــر في وقت ســابق وتجنبا للصدام أو لاحتمالاته «الكادر الأردني» المقاتل بالرحيل من درعا والتمركز في محيط ريف حمص.
فعل الجولاني ذلك حتى يضمن عدم حصول «اختراقات» لصالح الأجهزة الأردنية لكن ثمة في الوسط الجهادي السلفي من يقول ان ذلك حصل بترتيب مع عمان ولضمان عدم استفزازها وتجنب سيناريو قرار أي كادر أردني بالعودة التلقائية لبلده اما بغرض الجهاد أو بغرض ترك الجهاد.
في كل الأحوال الوضع في درعا وريفها وهوامشها لم يعد عملياتيا في حالة الامتياز والمبادرة لصالح «التفوق الأردني» هذا عنصر جديد ومقلق تكشفه لـ «القدس العربي» مصادر مطلعة جدا وهي تتحدث عن «تحشد غير مضمون» للسلاح والمسلحين في خاصرة الأردن الشمالية بدون مساحات اختراق وفي ظل تراجع الحليف الوحيد الموثوق وهو الجيش الحر.
غابة من السلاح والرجال المسلحين في الخاصرة الأردنية وفي أي لحظة تبدأ فيه معارك بالمكان بالسلاح الثقيل ستعلن الطوارئ في الأردن مرة بسبب احتمالات النزوح الأهلي، وأخرى لمراقبة أي سلاح أو مسلح منفلت يقرر الفرار للأردن خصوصا بعدما أربكت ترتيبات روسية الأتراك في الشمال ودفعتهم لتحمل مسؤولية «مقاتليهم» أو الذين دخلوا لحلب عبرهم في سيناريو أيضا مزعج جدا إذا ما تخابث الروس وسمحوا لبشار الأسد في استنساخه على التجربة الأردنية.
الغائب الوحيد عن المكان عسكريا هو الذي يثير المساحة الأكبر من «الارتياب» والحديث عن الجيش النظامي السوري الذي تعرف عمان ان «تحرير درعا» ليس من أولوياته ولا العودة لافتتاح الحدود الرسمية والشرعية مع الأردن.
في كواليس رئاسة الوزراء الأردنية يستمر المسؤولون في ترديد عبارة اقترحها رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبدالله النسور عندما يتعلق الأمر بدرعا والخيارات الأردنية.
«القدس العربي» سمعت النسور مباشرة وعدة مرات يردد ان بشار الأسد يتعامل مع درعا وفقا لخيار «شمشون» بمعنى «علي وعلى الأردن».
المقاربة مستمرة اليوم والوسط القريب من الرئيس الحالي الدكتور هاني الملقي يتحدث عن «كارثة» يمكن ان تنفجر في أي وقت اسمها «مخيم الركبان» وعن عدم وجود أدلة على ان الرئيس بشار الأسد وصل لقناعات جديدة بخصوص الأردن خارج معادلته الشهيرة التي نقلها القيادي الفلسطيني عباس زكي وقوامها «درعا مشكلة أردنية».
نعم درعا اليوم وحتى بالمواصفات السياسية والإنسانية مشكلة أردنية وقد عـــكــس ذلك المخــضرم جدا عبد الكريم الكباريتي عندما ألمح في القصر الملكي إلى ان «إيران موجودة اليوم على حدود الأردن مع العراق وسوريا» معتبرا ذلك من الوقائع التي ينبغي التعامل معها اقتصاديا وسياسيا.
في الأثناء يصر وزير الداخلية الأسبق وأحد أبرز خبراء المنطقة سعد هايل السرور على معادلة «يبدو اننا في كل الأحوال سنسهر ليلنا الطويل كأردنيين».
الجديد المثير تماما بعد استعراض الوقائع هو الكاريدور الآمن الذي بدأت تقترحه في الميدان قوات النظام السوري لمن يريد ان يهرب أو يغادر حتى بسلاحه من حمص أو دير الزور حيث الإتجاه الآمن الوحيد المفتوح هو الجنوب ودرعا.
ذلك تطور دراماتيكي في سياق الأحداث بالنسبة للأردن سيعني قريبا الكثير.