إطلالة تلفزيونية لرئيس الأركان لامتصاص تداعيات الأحداث الأمنية

جفرا نيوز- كتب: بسام بدارين يمكن إدراج الإطلالة التلفزيونية لرئيس الأركان الأردني، الجنرال محمود فريحات، الجمعة، في سياق التعويض عن تداعيات الأحداث الأمنية التي شهدتها البلاد في الأيام الماضية.
تداعيات برزت عقبها توقعات بـ «تغييرات واسعة» قد تطال رؤوساً بعد عودة الملك عبدالله الثاني إلى البلاد مع بداية العام الجديد.
فريحات، وهو عسكري محترف كلفه الملك مباشرة بمشروع «إعادة الهيكلة» يفترض أن يتحدث لإحدى الفضائيات العربية ولأول مرة، موضحاً موقف أهم المؤسسات السيادية في البلاد من قضايا وملفات ملحة داخلياً وإقليمياً».
وبصرف النظر عن شكل ومضمون، الإطلالة، يُطرح السؤال حول دافع رئيس الأركان للظهور إعلامياً في ظرف حساس ومعقد وصعب.
لكن يمكن ملاحظة تطورات ومستجدات مهمة جداً على هامش هذا السلوك الإعلامي والسياسي قد يكون لها الدور الأبرز في تسليط الضوء على الحوار الاجتماعي، بما يتـعلق بأحـداث قلعـة الكـرك والشـوبك.
الحديث مؤخراً عن «التقصير الأمني» وغياب التنسيق المعلوماتي بين الأجهزة المختصة يطغى اجتماعيا، كذلك، الحدود مع سوريا لا زالت مغلقة بقرار من رئيس الأركان الأسبق، والأردن بدأ بمواجهة مفتوحة مع «تنظيم سري» تحت الأرض يعمل لصالح «الدولة الإسلامية» التي كسرت الحواجز الجهادية بحيث أطيح بقانون غير مكتوب في أوساط الجهاديين مفاده أن المملكة ليست داراً للجهاد.
عبارة واحدة يصنفها خبراء الجهاد على أساس الإطاحة بذلك القانون وتتمثل في وصف بيان «الدولة» بخصوص عملية الكرك ضحايا الأمن الأردني بأنهم «مرتدون» وهي الصفة نفسها التي تستخدمها المرجعيات الأردنية العليا، وهي تصف عناصر «الدولة» بالخوارج المرتدين.
في هذه الأثناء، لا يزال مطلوب إقصاء وزير الداخلية سلامه حماد، بالنسبة لنواب الكرك والجنوب والتعهدات علنية بها الشأن. ورئيس الوزراء هاني الملقي، مشغول تماماً بالأجندة المالية والاقتصادية الطارئة التي ينبغي أن تمر قبل نهاية العام الحالي بساعات بما في ذلك «رفع كل الأسعار».
الظرف كان مناسباً لإعلان رفع رواتب العسكريين مؤخراً، الأمر الذي يمنح فريحات فرصة حيوية للظهور إعلامياً بصرف النظر عما سيقوله.
ووسط الرغبة الشعبية الصارمة بمحاسبة ومراقبة أداء الأجهزة الأمنية، ولدت مبادرتان تطالبان مؤسسة القصر الملكي بالتراجع عن التعديلات الدستورية الأخيرة بصورة تسمح بأن لا يحمل القصر نفسه مسؤولية أخطاء أو تقصير.
الأولى، عبر نخبة من الجنرالات المتقاعدين، بينهم من يحمل رتبة «فريق» التي توازي رتبة قادة الأمن الحاليين أو تتفوق على بعضها، فقد صدر بيان يطالب الملك شخصياً بإقالة جميع مدراء الأمن الحاليين ومراجعة تعديلات الدستور الأخيرة لحماية مؤسسة العرش من مظاهر التقصير البيروقراطي.
الثانية، تتعلق بالمعارض ليث الشبيلات، الذي وجد «شركاء مؤثرين» بين طبقة المتقاعدين العسكر والوزراء السابقين للتحالف معه في هدف معلن، وهو التقدم بطلب موحد للعشرات من رجال الدولة السابقين أو الشخصيات المستقلة لـ»إلغاء كل التعديلات الدستورية والعودة للدستور الأصلي»، الذي يضمن تراتبية مختلفة لنظام الحكم.
ونجح الشبيلات برفقة الوزير والنائب السابق، أمجد المجالي، بمخاطبة نحو 80 شخصية.
واللافت، أن الشبيلات، حين يتلقى رداً سلبياً من الذين يتأمل مشاركتهم في مشروع العودة للدستور الأصلي، يتوعد بإبلاغ الشعب بقائمة أسماء الذين «خذلوه».
بمعنى آخر، يلمح لنشر قائمة يفترض أنها سوداء وتمثل من رفضوا الالتحاق بـ»محاولة وطنية جريئة لإعادة إنهاض دولة الأردنيين وتصويب المسيرة»، تحت لافتة عبارة طالما استعملها الشبيلات في أدبياته، وهي «حماية مؤسسة العرش، حتى من نفسها إذا لزم الأمر».
في الموازاة، تتزايد الرسائل الشعبية التي تطالب القصر الملكي بالتغيير والاستدراك، فيما يعود الملك عبد الله الثاني خلال أيام قليلة من الخارج.
يبقى أن بعض المخلصين للنظام يقدرون بأن إنفاذ الأجندة المالية الصعبة للحكومة يتطلب بالحد الأدنى الاستجابة لمطالب الشارع بما يتعلق بأحداث الكرك، ما قد يدفع بجنرال من وزن الفريحات للتحدث للرأي العام عبر شاشة غير أردنية.