نُقل: الحاكمية الرشيدة وفصل الملكية سر نجاح الشركات العائلية

عمان- "الحاكمية الرشيدة وفصل الملكية عن الإدارة سر نجاح الشركة العائلية"، بهذه الكلمات يروي نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة نقل، غسان إيليا نقل، قصة نجاح المجموعة. ويقول نقل، في مقابلة مع "الغد"، إن المجموعة التي تضم حاليا نحو 30 شركة بدأت أعمالها في المملكة العام 1951 تحت اسم شركة نقل إخوان، كشركة تجارية تستورد وتوزع المواد الغذائية والاستهلاكية داخل المملكة ثم بدأ أول نشاط صناعي للشركة العام 1958 لإنتاج رولات التواليت. وأضاف نقل، الذي يعتبر من الجيل الثاني الذي يقود المجموعة، أن مصنع رولات التواليت مني بخسارة استمرت منذ إنشائه العام 1958 حتى العام 1961، مبينا أن الخسارة وضعت والده (مؤسس المصنع) أمام خيارين؛ الأول إما إغلاق المصنع وبيع الماكينات والتركيز على التجارة، أو تكبير المصنع وتوسيع قاعدة الإنتاج، مبينا أن الخيار كان نحو تكبير المصنع وتم استيراد ماكينة لإنتاج "باكيتات الفاين" وماكينة أخرى مخصصة لإنتاج المستلزمات النسائية. وبين أن سلعة الفاين كان يقتصر بيعها خلال ستينيات القرن الماضي داخل الصيدليات فقط؛ حيث كان يباع الفاين المستورد عند 180 فلسا، وتم بيعه من قبل الشركة عند 80 فلسا بهدف إيصال رسالة تزيد من الاستهلاك. وأكد نقل أن الجشع في التجارة والصناعة يحقق أرباحا في البداية، لكن على المدى البعيد تفقد حصتها السوقية، مبينا أن الشركة عملت بداية تأسيسها على توزيع باكيتات الفاين الجيب الصغيرة مجانا بهدف إيجاد قاعدة استهلاكية. وأشار نقل إلى جملة من التحديات السياسية نتج عنها تحديات اقتصادية واجهت عمل المصنع خلال ستينيات القرن الماضي، مبينا أن الشركة خسرت خلال حرب العام 1967 نحو 80 % من السوق الفلسطيني بسبب الحرب، ما دفع الشركة إلى البحث عن أسواق جديدة مثل السعودية واليمن وليبيا ولبنان. وأكد نقل أن التجارة البينية بين الدول العربية خلال الستينيات كانت صعبة جدا وحساسة؛ حيث إن اي تصريحات تصدر من مسؤولين في اي دول عربية لا تعجب دولة اخرى كانت تتسبب بإغلاق الحدود ومنع انسياب البضائع لصالح سوقها. وأوضح نقل أن حساسية التجارة البينية بين الدول العربية دفعت إدارة الشركة إلى إقامة مصنع جديد في المملكة العربية السعودية العام 1971. واكد غسان نقل، الذي انضم للعمل في المجموعة العام 1985، أن والده كان يمتلك أربع شركات في ذلك الوقت (شركة فاين الأردن، وشركة فاين السعودية، وشركة نقل إخوان وشركة الاسفنج العربي). ويقول نقل إنه "عندما انضممت للشركة شجع والده، الذي كان يمتلك طموحات كبيرة، للتوسع وفتح آفاق جديدة من العمل، مبينا أن الشركة بدأت بالتوسع إلى أن أصبحت المجموعة تضم في العام 1996 نحو 26 شركة. وأشار نقل إلى أن عبء الإدارة واتخاذ القرارات في جميع الشركات يقع على عاتق شخصين هما؛ والده وهو (أي غسان)، الأمر الذي دفع إدارة المجموعة من أجل أن تستمر بنفس التوسع إلى عمل اللامركزية وفصل الإدارة عن الملكية، وتم استقطاب أفضل الكفاءات الأردنية وتحديث الأنظمة والإجراءات، ومأسسة العمل، مبينا أن تلك الإجراءات بدأ العمل بها منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي وتم تتويجها العام 2004. وأوضح نقل أن اللامركزية في عمل مجموعة نقل أسهمت في الانتقال من إدارة الشركات في تفاصيلها اليومية إلى إدارة الشركات على مستوى الاستراتيجية والعلاقات العامة والتطوير التوسع؛ حيث أسهم ذلك في مأسسة العمل وبدء الحاكمية الرشيدة. وأكد نقل أن اتباع الحاكمية الرشيدة وفصل الملكية عن الإدارة والتمسك بأخلاقيات العمل سر نجاح جميع الشركات، خصوصا العائلية، لأن أبناء العائلة دائما ما يكون لديهم شعور بأنهم أكثر أشخاص يمتلكون الكفاءة في الشركة، في ظل عدم وجود مساءلة عليهم من أي شخص. وأشار نقل إلى مجموعة من التحديات التي تواجه عمل الشركات العائلية، ممثلة بغياب المساءلة والعاطفة وعدم الانضباط وغياب الحاكمية الرشيدة، إضافة إلى عدم فصل الإدارة عن الملكية، وعدم استقطاب أفضل الكفاءات والمنافسة غير البناءة بين أفراد العائلة. وأشار نقل إلى أن 3 % من الشركات العائلية تدوم حتى الجيل الرابع فقط في كل العالم، وذلك لعدم مراعاة التحديات التي تواجه هذا النوع من الشركات. وأوضح نقل أن هنالك ميثاقا عائليا للمجموعة مكونا من 70 صفحة موقع عليه من جميع أفراد العائلة يحكم وينظم العلاقة بين افراد العائلة تجاه العمل، وكيفية انتقاء افراد العائلة في مجلس إدارة الشركة وفصل العائلة عن العمل، إضافة إلى المشاريع المستقبلية. ودعا نقل جميع الشركات العائلية إلى ضرورة عمل ميثاق عائلي في وقت مبكر، خصوصا في عهد مؤسس الشركة وتوجه الشركة نحو المساهمة العامة، مبينا أن الميثاق العائلي يقلل من احتمالية فشل الشركة العائلية مستقبلا. وأكد أهمية عقد مؤتمرات متخصصة في الشركات العائلية، لما تشكله من فرصة للتعرف على التحديات التي تواجه الشركات العائلية، إضافة إلى الاستفادة من التجارب الناجحة في مجال الشركات العائلية وتبادل الخبرات. يشار إلى أن مجموعة نقل يعمل بها حوالي 5200 موظف، منهم 3 آلاف في الأردن، والبقية في الشركات التابعة للمجموعة والمنتشرة في دول عدة، علما بأن معظم القيادات في تلك الشركات من الأردنيين. وعن فوز مجموعة نقل بجائزة "إرنست ويونغ للتميز لأفضل شركة عائلية"، قال نقل "الجائزة تعتبر مكافأة معنوية لها قيمة عالية للمجموعة والعائلة للإنجازات التي حققتها الشركة منذ إطلاق أعمالها في الأردن. وتعد هذه الجائزة تقديرية تمنحها "EY" للشركات العائلية الأردنية المتميزة التي حققت توازناً بين قضايا العمل والعائلة، وتمكنت من تنمية أعمالها على مدى أجيال عدّة، كما أنها تأخذ على عاتقها مسؤولية الانخراط في أنشطة خيرية واجتماعية. يشار إلى أن مجموعة نقل تنقسم إلى مجموعتين؛ الأولى مجموعة فاين القابضة ويندرج تحتها 4 مصانع خام الورق و9 مصانع فاين ومصنع تعبئة وتغليف ومصنع أقمشة غير منسوجة، وشركات توزيع في الدول التي لا يتم التصنيع بها، أما المجموعة الثانية القابضة فيندرج تحتها جميع الشركات التي تديرها أو تساهم فيها، وتتوزع في قطاعات عدة أهمها السيارات والتعدين والزيوت والباطون الجاهز والعقار والتأمين والبنوك والقرطاسية وتكنولوجيا المعلومات. وأشار نقل إلى أهمية المسؤولية الاجتماعية لدى الشركات، باعتبارها واجبا على كل شركة تجاه المجتمع، ولكن هناك معايير لدى مجموعة نقل تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية، وتتمثل في تسخير خبرات الشركة تجاه المجتمع؛ بحيث يكون العمل الاجتماعي مستداما وله عائد على أهل المنطقة ويعمل فيه من أبنائها ويكون حسب احتياجاتهم. وأوضح نقل أن نموذج المسؤولية الاجتماعية الذي قامت المجموعة بتنفيذه في منطقة القويرة بالتعاون مع الصندوق الهاشمي عمل على تحديد احتياجات المنطقة، وقامت الشركة بتنفيذها، وتتمثل في إنشاء عيادة قانونية ومطبخ إنتاجي لسيدات المنطقة ومزارع خالية من الكيماويات، ووحدة للتجفيف ووحدة للطباعة والتغليف والتعبئة، إضافة إلى مختبر للربتكس.