الحصول على دعم الأغلبية النيابية.. لحظر الجماعة وإضعاف الحزب
الثلاثاء-2025-04-22 10:27 am
جفرا نيوز -
الدكتور محمود عواد الدباس.
1/8
المؤكد أن جلسة مجلس النواب يوم أمس الاثنين كانت أكثر أهمية من أي جلسة نيابية أخرى، سواء كانت جلسة منح الثقة للحكومة أو حجبها، أو أنها كانت جلسة تصويت على الموازنة. السبب أن جلسة أمس كانت جلسة سياسية بخلفية أمنية، نتيجة إعلان الحكومة منتصف الأسبوع الماضي القبض على خلية من أربعة مجموعات تعمل على تخزين الأسلحة والمتفجرات وتصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة، إضافة إلى التجنيد والتمويل الخارجي. خلال جلسة أمس التي استمرت ست ساعات متواصلة، استمعت إلى (103) كلمة فقط، مع أن عدد الكلمات التي ألقيت خلال الجلسة أكثر قليلًا. كنت استمع إلى تلك الكلمات ثم أدون ملاحظات متفرقة، والتي مكنتني لاحقًا من الخروج بانطباعات واستنتاجات وصفية، ثم استخلاصات تحليلية مع توقعات محددة للقادم من الأيام.
2/8
كان الانطباع العام تجاه جلسة أمس أننا أمام محاكمة سياسية، قام خلالها نواب الأغلبية بدور القاضي، فيما قامت كتلة نواب العمل الإسلامي بدور الدفاع. في الاستنتاجات، كان الاستنتاج الأول أن كل ما قيل في جلسة يوم أمس كان إعادة لكل ما قيل خارج المجلس خلال الأسبوع الماضي. أما الاستنتاج الثاني فهو يتعلق بمضامين كلمات نواب الأغلبية البرلمانية، حيث كان مضمونها مكررًا في كافة الكلمات التي تم القائها، مما يعكس وحدة الهدف لديهم. أما أبرز هذه المضامين فكانت على النحو الآتي:
1. إدانة كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي كحال الحزب، حيث أن البيان الصادر عنها لم يكن واضحًا في إدانة مخططات الخلية، مع رفض إيجاد مبررات لعمل الخلية تحت عنوان خدمة القضية الفلسطينية.
2. مطالبة الدولة بتفعيل القرار القضائي والمتمثل بحل جماعة الإخوان الذي صدر في العام 2020م، ذلك أن الجماعة لها مرجعية دولية، حيث تأتمر بتعليمات المرشد العام في التنظيم الدولي الهادفة إلى الزج بالأردن في مواجهات عسكرية. كما أن وجود أعضاء في الخلية من جماعة الإخوان فيه تنكر للأردن الذي سمح ببقاء الجماعة في الوقت الذي تم حظرها من التواجد في العديد من الدول.
3. رفض احتكار الحديث بالدين الإسلامي من قبل جماعة الإخوان المسلمين على قاعدة أننا كلنا مسلمون، ورفض احتكار الحديث في القضية الفلسطينية من قبل جماعة الإخوان المسلمين على قاعدة أنها تخصنا جميعًا.
4. تحميل الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي مسؤولية الشحن المتواصل للمواطنين خلال الشهور الماضية، والذي اتخذ مسار التشكيك بالدور الأردني في دعم الأهل في غزة.
3/8
نأتي الآن إلى التوقف على مطالب الأغلبية النيابية خلال كلماتهم من نواب حزب جبهة العمل، وهي على النحو الآتي:
1. إصدار بيان جديد من كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي يتم من خلاله تقديم إدانة واضحة وصريحة لمخططات الخلية، خاصة وأن أحد أعضاء الخلية هو من أعضاء حزب جبهة العمل الإسلامي. مع التوقف عن استخدام أسلوب التقية والتلاعب بالعبارات والمصطلحات أو تناقض الخطاب، حيث يتم التعامل مع أعضاء الخلية بالقول أنها أعمال فردية كخطاب علني، لكن يتم احتضانهم في الظل.
2. دعوة كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي إلى إعلان قطع علاقتها مع جماعة الإخوان ذات المرجعية الدولية. أما عواقب عدم التنفيذ، فهي بحسب الجناح المتشدد في تيار الموالاة، فهي تجميد عضوية نواب الحزب في مجلس النواب، وأما حل الحزب استنادًا إلى قانون الأحزاب الذي يمنع في المادة السادسة منه تعامل الحزب مع أي جماعة سياسية محظورة.
4/8
في مقابل ذلك، فقد جاء خطاب نواب حزب جبهة العمل الإسلامي في نقاط مكررة في كلمات نواب الكتلة، وهي على النحو الآتي:
1. التأكيد على حرصهم على أمن الأردن، وأنهم يعارضون الحكومة لكنهم لا يعارضون الوطن، مع اتهام الحكومة بالعمل على إثارة الفتنة في المجتمع عبر تقديم معلومات منقوصة تخص الخلية.
2. التأكيد على أن تصنيع السلاح وامتلاكه هو حق بيد الدولة فقط.
3. تأكيدهم الاستمرار في دعم المقاومة في فلسطين.
4. رفض حملة التشهير ضدهم على قاعدة أن عمل الفرد لا يسحب على الجماعة. يعزز ذلك أن اعترافات عدد من أعضاء الخلية من أعضاء جماعة الإخوان أنهم لم يقولوا أن عملهم هو بموافقة الجماعة أو علمها، مع ترك الحكم للقضاء. تجدر الإشارة هنا إلى أن الحزب الوحيد من كافة الأحزاب داخل مجلس النواب التي أيدت نواب حزب جبهة العمل الإسلامي، فقد كان من ممثل حزب العمال في اتجاه معاكس للعضو المفصول من الحزب الذي وقف في صف الموالاة. بل إنه وصف الإخوان بأنهم تنظيم ظلامي، كما طالب بتجميد عضوية نواب حزب جبهة العمل الإسلامي في البرلمان.
5/8
انتقل إلى تناول مواصفات خطاب الموالاة. كانت الصفة الرئيسية هي الصفة الهجومية، حيث نجد أن نبرة الصوت كانت عالية لدى كل متحدث منهم. تم تعزيزها عبر القيام بعدة وقفات خلال الجلسة ذات دلالة سياسية، الوقوف للعلم والوقوف تحية للملك، ثم الاستماع لكلمات من حديث سابق له فيما يتعلق بوجود من يتلقى تعليمات من الخارج. أيضًا الوقوف تحية للجيش والأجهزة الأمنية. كذلك قراءة الفاتحة على أرواح الشهداء الأردنيين الذين ذهبوا في أعمال خلايا سابقة. إضافة إلى تأكيد الولاء للملك. زيادة على ذلك، تم المطالبة منهم بحذف عدة عبارات وردت على لسان رئيس كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي من محضر الجلسة.
6/8
في المقابل، ماذا كانت مواصفات الأساليب الخطابية لنواب حزب جبهة العمل الإسلامي؟ كان الحديث الدفاعي والحديث التبريري، مع استخدام آيات قرآنية في بداية حديثهم وأدعية دينية في نهاية حديثهم تؤكد على الحفاظ على أمن الوطن واستقراره. ترجمة لهذا الغرض، قام بعض نواب حزب جبهة العمل من بعض المكونات الاجتماعية، وهما من الأردنيون من الأصول الشرق أردنية ومن الشراكسة والشيشان، في التأكيد على وطنية الحزب وأنه لا يستهدف أمن الأردن، وقناعتهم منهم بذلك انتسبوا إلى الحزب.
7/8
في الاستخلاصات التحليلية، فهناك نقطتان اثنتان هما:
الأولى: نعم، أن جلسة أمس انتهت بموافقة جميع أعضاء المجلس على إدانة مخططات الخلية حينما طلب منهم ذلك وقوفًا وليس برفع الأيدي. لكن ومع أن نواب حزب جبهة العمل الإسلامي وقفوا معهم، لكن هذا لا يعني أن الحزب سيقوم بتنفيذ مطالب أعضاء المجلس منه، وهو إصدار بيان إدانة صريح ومباشر لمخططات الخلية أو إعلان الحزب قطع العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين. السبب أن الحزب لن يستطيع فعل ذلك، وليس أنه لا يرغب في ذلك.
الثانية: ضمن مساحات المد والجزر مع جماعة الإخوان المسلمين، والتي تقوم بها المخابرات الأردنية من أجل ضبط إيقاع المشهد السياسي لغايات أمنية، فقد تمكنت المخابرات الأردنية هذه المرة من قلب الطاولة على جماعة الإخوان المسلمين. تم ذلك هذه المرة بطريقة احترافية مقارنة مع ما مضى. هذه المرة كان الرأي العام إلى حد كبير جدًا منحازًا إليها، ولعل هتاف "سمعلي المخابرات.. احنا معاكم الممات" خير دليل على ذلك. أعتقد أن المخابرات هذه المرة، وبقيادة مديرها العام الباشا أحمد حسني، أنها نجحت في قيادة المجتمع الأردني بكل سلاسة وهدوء، وقد قبل المجتمع الأردني ذلك كما أنه بات يهتف لها. أما السبب فهو أن المجتمع يبحث عن الأمن والأمان ويخشى الفوضى، وهذه مهمة المخابرات.
تجدر الإشارة هنا وبكل صراحة أن هناك عددًا من السياسيين المعارضين يقرأون المشهد النيابي في جلسة أمس بطريقة مختلفة ومعاكسة لما كتبته في الفقرة الأخيرة وبكل تأكيد أن هذا حق لهم .
8/8
ختامًا، في اعتقادي أن الفائدة التي أرادت الدولة تحقيقها من جلسة أمس، هو أخذ شرعية من الأغلبية النيابية تطالب الحكومة بأن تقوم بتفعيل القرار القضائي باعتبار جماعة الإخوان المسلمين منحلة، يتبع ذلك منعها من ممارسة أي نشاط مع إغلاق مكاتبها، مع إبقاء حزب جبهة العمل الإسلامي على قيد الحياة السياسية، لكن مع تحجيمه سياسيًا عبر انتخابات نيابية خلال هذا العام.